ابوعلي Admin
عدد المساهمات : 458 نقاط : 11042 تاريخ التسجيل : 20/09/2011 العمر : 39 الموقع : مصر
| موضوع: مناسك الحج والعمرة الجمعة سبتمبر 30, 2011 2:23 pm | |
| مناسك الحج والعمرة في الكتاب والسنة وآثار السلف وسرد ما ألحق الناس بها من البدع مكتبة المعارف بالرياض* * الطبعة الرابعة 1410 هـ ـ 1989 م
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله . أما بعد ، فقد دعت الرغبة في تيسير العلم لعامة الناس إلى تبسيط مناسك الحج ، وذلك باستخلاصها من كتابي " حجة النبي صلى الله عليه وسلم كما رواها عنه جابر رضي الله عنه " ، على النحو الذي جريت عليه في رسالتي " تلخيص صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم " ، غير أنني زدت فيه زيادات هامة ، استدركت بها ما لم يرد ذكره من المناسك في " حجة النبي صلى الله عليه وسلم " ، ولا في التعليق عليها ، وقد عنيت خاصة بتخريج هذه الزيادات ، وكذلك الفوائد الأخرى التي أوردتها فيه على النحو الذي جرينا عليه في سائر كتبنا ، من ذكر مرتبة الحديث ومصدره ، لكن على طريقة الاختصار ، مع الإحالة في غالب الأحيان إلى كتبي الأخرى ما طبع منها وما لم يطبع ، وأما ما كان في كتاب " الحجة " فلم أعن بتخريجه اكتفاء بأن الكتاب متوفر بين أيدي القراء الكرام ، فمن شاء منهم التثبت من شيء منه فمن الميسور أن يراجعه ، وإليه الإشارة عند الإحالة عليه بكلمة ( الأصل ) ، وإتماماً للفائدة نقلنا عنه بشيء من الاختصار الملحق الخاص ببدع الحج والزيارة . وسميته " مناسك الحج والعمرة في الكتاب والسنة وآثار السلف " . والله تبارك وتعالى أسأل أن يجعل عملي كله صالحاً ، وأن يجعله لوجهه خالصاً ، ولا يجعل لأحد فيه شيئاً .
دمشق 21 شعبان سنة 1395 هـ
محمد ناصر الدين الألباني نصائح بين يدي الحج وهذه نصائح وفوائد أقدمها إلى إخواننا الحجاج بين يدي الحج : أولاً ـ على الحاج أن يتقي ربه ، ويحرص طاقته أن لا يقع فيما حرم الله عليه ، لقوله تعالى : ( الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ) ، وقوله صلى الله عليه وسلم : " من حج فلم يرفث ، ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه " ، فإنه إن فعل ذلك كان حجه مبروراً ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " الحج المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنة"1 فلا بد من التحذير مما ابتلي به بعضهم لجهلهم أو ضلالهم : أ ـ الإشراك بالله تعالى ، فقد رأينا كثيراً منهم يقعون في الشرك كالاستغاثة بغير الله ، والاستعانة بالأموات من الأنبياء أو الصالحين ، ودعائهم من دون الله ، والحلف بهم تعظيماً لهم ، فيبطلون بذلك حجهم ، قال تعالى : ( لئن أشركت ليحبطن عملك ) . ب ـ تَزَيُّن بعضهم بحلق اللحية فإنه فسق ، فيه مخالفات أربع مذكورة في ( الأصل ) . جـ ـ تختم الرجال بالذهب فإنه حرام ، لا سيما ما كان منه من النوع الذي يسمى اليوم بـ " خاتم الخطبة " ، فإن فيه أيضاً تشبهاً بالنصارى . ثانياً ـ على كل من أراد الحج ممن لم يسق الهدي2، أن ينوي حج التمتع لأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه به آخر الأمر ، ولغضبه على أصحابه الذين لم يبادروا إلى امتثال أمره بفسخ الحج إلى العمرة ، ولقوله : " دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة " ، ولما قال له بعض الصحابة : أرأيت متعتنا هذه لعامنا هذا أم للأبد ؟ شبك النبي صلى الله عليه وسلم أصابعه واحدة في أخرى وقال : " دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة ، لا بل لأبد أبد ، لا بل لأبد أبد " 3 . من أجل ذلك أمر صلى الله عليه وسلم السيدة فاطمة وأزواجه رضي الله عنهن جميعاً بالتحلل بعد عمرة الحج ، ولذلك كان ابن عباس يقول : ( من طاف بالبيت فقد حل ، سنة نبيكم وإن رَغِمتم )4 فعلى كل من لم يسق الهدي أن يلبي بالعمرة في أشهر الحج الثلاثة ، فمن لبى بالحج مفرداً أو قارناً ، ثم بلغه أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالفسخ فينبغي أن يبادر إليه ولو بعد قدوم مكة وطوافه بين الصفا والمروة ، فيتحلل ، ثم يلبي بالحج يوم التروية يوم الثامن . ( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم )5. ثالثاً : إياك أن تدع البيات في منى ليلة عرفة ، فإنه واجب ، فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر به في قوله : " خذوا عني مناسككم . . " . وعليك البيات أيضاً في المزدلفة حتى تصلي الصبح فإن فاتك البيات ، فلا يفوتك أداء الصلاة فيها ، فإنه واجب منه ، بل هو ركن من أركان الحج على القول الأرجح عند المحققين من العلماء ، إلا للنساء والضعفة . فإنه يجوز لهم الانصراف بعد نصف الليل كما سيأتي . رابعاً : واحذر ما استطعت أن تمر بين يدي أحد من المصلين في المسجد الحرام ، فضلاً عن غيره من المساجد وغيرها ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يديه " . فهذا نص عام يشمل كل مارٍ ومصلٍ ، ولم يصح حديث استثناء المار في المسجد الحرام ، وعليك أن تصلي فيه كغيره إلى سترة ، لعموم الأحاديث الوارده في ذلك ، وفيه آثار خاصة عن بعض الصحابة مذكورة في ( الأصل ) . خامساً : على أهل العلم والفضل أن يعلموا الحجاج حيثما التقوا بهم مناسك الحج وأحكامه وفق الكتاب والسنة ، وأن لا يشغلهم ذلك عن الدعوة إلى التوحيد الذي هو أصل الإسلام ومن أجله بعث الرسل ، وأنزلت الكتب ، فإن أكثر من لقيناهم حتى بعض من ينتمي إلى العلم وجدناهم في جهل بالغ بحقيقة توحيد الله وصفاته ، كما أنهم في غفلة تامة عن ضرورة رجوع المسلمين على اختلاف مذاهبهم ، وكثرة أحزابهم إلى توحيد كلمتهم وجمع صفوفهم على أساس الكتاب والسنة ، في العقائد والأحكام ، والمعاملات والأخلاق ، والسياسة والاقتصاد ، وغير ذلك من شؤون الحياة ، وأن يتذكروا أن أي صوت يرتفع ، وأي إصلاح يقوم على غير هذا الأصل القويم ، والصراط المستقيم ، فسوف لا يجني المسلمون منه إلا تفرقة وضعفاً ، وخزياً وذلاً ، والواقع أكبر شاهد على ذلك . والله المستعان . ولا بأس من المجادلة بالتي هي أحسن ، حين الحاجة ، فإن الجدال المحظور في الحج ، إنما هو الجدال بالباطل المنهي عنه في غير الحج أيضاً كالفسق المنهي عنه في الحج أيضاً ، فهو غير الجدال المأمور به في مثل قوله تعالى : ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ، وجادلهم بالتي هي أحسن ) . ومع ذلك فإنه ينبغي على الداعية أن يلاحظ أنه إذا تبين له أنه لا جدوى من المجادلة مع المخالف ـ لتعصبه لمذهبه أو رأيه ، وأنه إذا صابره في الجدال فلربما ترتب عليه ما لا يجوز ـ أنه من الخير له حينئذ أن يدع الجدال معه لقوله صلى الله عليه وسلم : " أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً . . " الحديث6.
1 ) أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، وهو مخرج في " سلسلة الأحاديث الصحيحة " رقم ( 1200 ) و " الإرواء " ( 769 ) . 2 ) كما هو شأن عامة الحجاج اليوم ، فإنه من النادر أن يسوق أحدهم هديه من الحل كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، فمن فعله فلا إنكار عليه ، أما من لم يسق الهدي وقرن ، أو أفرد فقد خالف فعله صلى الله عليه وسلم وأمره ، وإن رغم الناس ، كما قال ابن عباس . رواه مسلم ( 4 / 58 ) وأحمد ( 1 / 278 و 342 ) . 3 ) أنظر " صحيح أبي داود " ( 1568 و 1571 ) . 4 ) وسنده في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : " إن الله قد أدخل في حجكم هذا عمرة ، فإذا قدمتم ، فمن تطوف بالبيت وبين الصفا والمروة فقد حل إلا من كان معه هدي " ( " صحيح أبي داود " 1573 و 1580 ) . 5 ) ولا ينافي ذلك ما روي عن عمر وغيره مما يدل على أن الحج المفرد أفضل كما ذكرته في الأصل . ثم رأيت شيخ الإسلام ابن تيمية يتأول ذلك بأنه أراد إفراد العمرة في سفرة ، والحج في سفرة ، فراجعه في المجلد 26 من " مجموع الفتاوى " ، فإنه مهم . 6 ) وهو حديث حسن ، وهو بتمامه في " صحيح الجامع الصغير " في الجزء الثاني رقم ( 1477 ) طبع المكتب الإسلامي .
لا حرج لا حرج ومما ينبغي على الداعية أن يلتزمه التيسير على الناس عامة ، وعلى الحجاج خاصة ، لأن التيسير أصل من أصول الشريعة السمحة ، كما هو معلوم ن ما دام أنه لا نص على خلافه ، فإذا جاء النص لم يجز التيسير بالرأي . وهذا هو الموقف الوسط العدل الذي يجب على كل داعية أن يلتزمه ، ولا عبرة بعد ذلك بأقوال الناس واعتراضاتهم وقولهم : شدد ، أو سهل ؟ وثمة أمور جائزة اعتاد بعض الحجاج أن يتحرجوا منها لفتاوى صدرت من بعضهم منافية للأصل المشار إليه آنفاً ، رأيت التنبيه عليها : 1 ـ الاغتسال لغير احتلام ولو بدلك الرأس ، لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في " الصحيحين " وغيرهما من حديث أبي أيوب رضي الله عنه1. 2 ـ حك الرأس ولو سقط منه بعض الشعر ، لحديث أبي أيوب الذي أشرت إليه آنفاً . وبه قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى . 3 ـ الاحتجام ولو بحلق الشعر مكان الحجم ، لاحتجامه صلى الله عليه وسلم وسط رأسه وهو محرم ، ولا يمكن ذلك إلا مع حلق الشعر ، وهو قول ابن تيمية أيضاً ، وبه قالت الحنابلة ، لكنهم أوجبوا عليه الفدية ، ولا دليل لهم ، بل هو مردود باحتجامه صلى الله عليه وسلم ، فإنه لو فدى لنقله عنه الراوي ، فاقتصاره على ذكر احتجامه دون الفدية دليل على أنه لم تقع منه فدية ، فالصواب قول ابن تيمية رحمه الله تعالى . 4 ـ شم الريحان ، وطرح الظفر إذا انكسر ، وفي ذلك آثار مذكورة في ( الأصل ) . 5 ـ الاستظلال بالخيمة أو بثوب مرفوع ، لثبوت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم . ونحوه الاستظلال بالمحمل قديماً ، وبالمظلة ( الشمسية ) ، والسيارة ولو من داخلها حديثاً ، وإيجاب الفدية على ذلك تشدد لا دليل عليه ، بل النظر السليم لا يفرق بين الاستظلال بالخيمة الثابت في السنة ، والاستظلال بالمحمل وما في معناه ، وهو رواية عن الإمام أحمد كما في " منار السبيل " ( 1 / 246 ) . فما تفعله بعض الطوائف من إزالة سقف السيارة ، تنطع في الدين لم يأذن به رب العالمين . 6 ـ شد المنطقة والحزام على الإزار ، وعقده عند الحاجة ، والتختم كما جاء في بعض الآثار . ومثله ، وضع ساعة اليد والنظارة ، ومحفظة النقود على العنق . كل هذه الأمور ، داخلة تحت الأصل المذكور ، مع تأيد بعضها بأحاديث مرفوعة ، وآثار موقوفة ، والله عز وجل يقول : ( يريد الله بكم اليسر ، ولا يريد بكم العسر ) . والحمد لله رب العالمين .
1 ) وهو في الأصل بتمامه ( ص 28 ) ، وقد خرجته في " إرواء الغليل " برقم ( 1019 ) و " صحيح أبي داود " ( 1613 ) .
بين يدي الإحرام
1 ـ يستحب لمن عزم على الحج أو العمرة المفردة ، أن يغتسل للإحرام ، ولو كانت حائضاً أو نفساء . 2 ـ ثم يلبس الرجل ما شاء من الألبسة التي لم تفصل على قدر الأعضاء ، وهي المسماة عند الفقهاء بـ ( غير المخيط ) ، فيلبس الإزار والرداء ونحوهما ، والنعلين ، وهما كل ما يلبس على الرجلين لوقايتهما مما لا يستر الكعبين . 3 ـ ولا يلبس القلنسوة والعمامة ونحوهما مما يستر الرأس مباشرة . هذا للرجل . وأما المرأة فلا تنزع شيئاً من لباسها المشروع إلا أنها لا تشد على وجهها النقاب 1 والبرقع أو اللثام أو المنديل ولا تلبس القفازين2 وقد قال صلى الله عليه وسلم : " لا يلبس المحرم القميص ، ولا العمامة ، ولا البرنس ، ولا السراويل ، ولا ثوباً مَسَّه وَرْسٌ ولا زعفران ، ولا الخفين ، إلا أن لا يجد نعلين ( فيلبس الخفين )3 ، وقال : " لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين "4. ويجوز للمرأة أن تستر وجهها بشيء كالخمار أو الجلباب تلقيه على رأسها وتسدله على وجهها ، وإن كان يمس الوجه على الصحيح ، ولكنها لا تشده عليها ، كما قال ابن تيمية رحمه الله تعالى . 4 ـ وله أن يلبس الإحرام قبل الميقات ولو في بيته كما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه . وفي هذا تيسير على الذين يحجون بالطائرة ، ولا يمكنهم لبس الإحرام عند الميقات ، فيجوز لهم أن يصعدوا الطائرة في لباس الإحرام ، ولكنهم لا يحرمون إلا قبل الميقات بيسير حتى لا يفوتهم الميقات وهم غير محرمين . 5 ـ وأن يدّهن ويتطيب في بدنه بأي طيب شاء له رائحة ولا لون له ، إلا النساء . فطيبهن ما له لون ولا رائحة له ، وهذا كله قبل أن ينوي الإحرام عند الميقات ، وأما بعده فحرام . الإحرام ونيته
6 ـ فإذا جاء ميقاته وجب عليه أن يحرم ، ولا يكون ذلك بمجرد ما في قلبه من قصد الحج ونيته ، فإن القصد ما زال في القلب منذ خرج من بلده ، بل لا بد من قول أو عمل يصير به محرماً ، فإذا لبى قاصداً للإحرام انعقد إحرامه اتفاقاً . 7 ـ ولا يقول بلسانه شيئاً بين يدي التلبية مثل قولهم : اللهم إني أريد الحج أو العمرة فيسره لي وتقبله مني . . . لعدم وروده عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا مثل التلفظ بالنية في الطهارة والصلاة والصيام ، فكل ذلك من محدثات الأمور ، ومن المعلوم قوله صلى الله عليه وسلم : " . . . فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار " .
المواقيت
8 ـ والمواقيت خمسة : ذو الـحُلَيفة ، والـجُحْفة وقَرْن المنازل ، ويَلَمْلَمُ وذاتِ عرْق ، هن لأهلن ، ولمن مَرّ عليهن من أهلهن ، ممن يريد الحج أو العمرة ، ومن كان منزله دونهن فَمَهِلَّه من منزله ، حتى أهل مكة يُهِلون من مكة . و ( ذو الحليفة ) مهِل أهل المدينة ، وهي قرية تبعد عنها ستة أميال أو سبعة ، وهي أبعد المواقيت عن مكة ، بينهما عشر مراحل أو أقل أو أكثر بحسب اختلاف الطرق ، فإن منها إلى مكة عدة طرق كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية ، وتسمى وادي العقيق ، ومسجدها يسمى مسجد الشجرة ، وفيها بئر تسميها جهال العامة : بئر علي ، لظنهم أن علياً قاتل الجن بها ، وهو كذب . و ( الجحفة ) قرية بينها وبين مكة نحو ثلاث مراحل ، وهي ميقات أهل الشام ومصر وأهل المدينة أيضاً إذا اجتازوا من الطريق الآخر ، قال ابن تيمية : " هي ميقات من حج من ناحية المغرب كأهل الشام ومصر وسائر المغرب ، وهي اليوم خراب ، ولهذا صار الناس يحرمون قبلها من المكان الذي يسمى ( رابغاً ) " . و ( قرن المنازل ) ويسمى قرن الثعالب تلقاء مكة على يوم وليلة ، وهو ميقات أهل نجد . و ( يلملم ) موضع على ليلتين من مكة بينهما ثلاثون ميلاً وهو ميقات أهل اليمن . و ( ذات عرق ) مكان بالبادية ، وهو الحد الفاصل بين نجد وتهامة ، بينه وبين مكة اثنان وأربعون ميلاً ، وهو ميقات أهل العراق .
أمره صلى الله عليه وسلم بالتمتع
9 ـ فإذا أراد الإحرام ، فإن كان قارناً قد ساق الهدي قال : لبيك اللهم بحجة وعمرة ، وإن لم يسق الهدي ـ وهو الأفضل ـ لبى بالعمرة وحدها ، ولا بد ، فقال : " لبيك اللهم بعمرة " فإن كان لبى بالحج وحده فسخه وجعله عمرة ، لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ، وقوله : " دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة " وشبك صلى الله عليه وسلم بين أصابعه . وقوله : " يا آل محمد من حج منكم فليهل بعمرة في حجة "5 وهذا هو التمتع بالعمرة إلى الحج . الاشتراط
10 ـ وإن أحب قرن مع تلبيته الاشتراط على ربه تعالى خوفاً من العارض ، من مرض أو خوف ، فيقول كما جاء في تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم : " اللهم مِحِلّي حيث حبستني "6 فإنه إن فعل ذلك فحبس أو مرض جاز له التحلل من حجة أو عمرته ، وليس عليه دم وحج من قابل ، إلا إذا كانت حجة الإسلام ، فلا بد من قضائها . 11 ـ وليس للإحرام صلاة تخصه ، لكن إن أدركته الصلاة قبل إحرامه ، فصلى ثم أحرم عقب صلاته كان له أسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم ، حيث أحرم بعد صلاة الظهر .
الصلاة بوادي العقيق
1 2 ـ لكن من كان ميقاته ذا الحليفة استحب له أن يصلي فيها ، لا لخصوص الإحرام ، وإنما لخصوص المكان وبركته ، فقد روى البخاري عن عمر رضي الله عنه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بوادي العقيق يقول : " أتاني الليلة آتِ من ربي فقال : صل في هذا الوادي المبارك ، وقل : عمرة في ( وفي رواية : عمرة و ) حجة " . وعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم " أنه رؤي ( وفي رواية : أُرِيَ ) وهو مُعَرس7 بذي الحليفة ببطن الوادي ، قيل له : إنك ببطحاء مباركة "8.
التلبية ورفع الصوت بها
13 ـ ثم يستقبل القبلة قائماً 9 ثم يلبي بالعمرة أو الحج والعمرة كما تقدم ، ويقول : اللهم هذه حجة لا رياء ولا سمعة 10. 14 ـ ويلبي بتلبية النبي صلى الله عليه وسلم : أ ـ " لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك " وكان لا يزيد عليها . ب ـ وكان من تلبيته صلى الله عليه وسلم : " لبيك إله الحق " . 15 ـ والتزام تلبيته صلى الله عليه وسلم أفضل ، وإن كانت الزيادة عليها جائزة لإقرار النبي صلى الله عليه وسلم الناس الذين كانوا يزيدون على تلبيته قولهم : " لبيك ذا المعارج ، لبيك ذا الفواضل " . وكان ابن عمر يزيد فيها : " لبيك وسعديك ، والخير بيديك ، والرغباءُ إليك والعمل "11. 16 ـ ويؤمر الملبي بأن يرفع صوته بالتلبية ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي ومن معي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية "12 وقوله : " أفضل الحج العَجُّ والثَج "13 ولذلك كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا أحرموا لم يبلغوا ( الرَوْحاء ) حتى تبح أصواتهم14 وقوله صلى الله عليه وسلم : " كأني أنظر إلى موسى عليه السلام هابطاً من الثَّنيِة ، له جُوار إلى الله تعالى بالتلبية "15 . 17 ـ والنساء في التلبية كالرجال لعموم الحديثين السابقين فيرفعن أصواتهن ما لم يُخْش الفتنة ، ولأن عائشة كانت ترفع صوتها حتى يسمعها الرجال ، فقال أبو عطية : سمعت عائشة تقول : إني لأعلم كيف كانت تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم سمعتها تلبي بعد ذلك : " لبيك اللهم لبيك . . . " إلخ .16 وقال القاسم بن محمد : خرج معاوية ليلة النفر فسمع صوت تلبية فقال : من هذا ؟ قيل : عائشة أم المؤمنين اعتمرت من التنعيم . فذكر ذلك لعائشة فقالت : لو سألني لأخبرته 17. 18 ـ ويلتزم التلبية ، لأنها " من شعائر الحج "18 ولقوله صلى الله عليه وسلم : " ما من مُلبّ يلبي إلا لبّى ما عن يمينه وعن شماله من شجر وحجر ، حتى تنقطع الأرض من هنا وهنا ـ يعني ـ عن يمينه وشماله "19 . وبخاصة كلما علا شرفاً ، أو هبط وادياً ، للحديث المتقدم قريباً : " كأني أنظر إلى موسى عليه السلام هابطاً من الثنية ، له جوار إلى الله تعالى بالتلبية " . وفي حديث آخر : " كأني أنظر إليه إذا انحدر في الوادي يلبي "20 . 19 ـ وله أن يخلطها بالتلبية والتهليل لقول ابن مسعود رضي الله عنه : خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ترك التلبية حتى رمى جمرة العقبة ، إلا أن يخلطها بتلبية أو تهليل21 . 20 ـ فإذا بلغ الحرم المكي ، ورأى بيوت مكة أمسك عن التلبية22 ليتفرغ للاشتغال بغيرها مما يأتي . الاغتسال لدخول مكة
21 ـ ومن تيسر له الاغتسال قبل الدخول فليغتسل ، وليدخل نهاراً أسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم23 . 22 ـ وليدخل من الناحية العليا التي فيها اليوم باب المعلاة ، فإنه صلى الله عليه وسلم دخلها من الثنية العليا ( كَداء )24 المشرفة على المقبرة ، ودخل المسجد من باب بني شيبة ، فإن هذا أقرب الطرق إلى الحجر الأسود . 23 ـ وله أن يدخلها من أي طريق شاء لقوله صلى الله عليه وسلم : " كل فجاج مكة طريق ومنحر " . وفي حديث آخر : " مكة كلها طريق : يدخل من ههنا ويخرج من ههنا "25. 24 ـ فإذا دخلت المسجد ، فلا تنس أن تقدم رجلك اليمنى26 وتقول : " اللهم صلّ على محمد وسلم ، اللهم افتح لي أبواب رحمتك "27 أو : " أعوذ بالله العظيم ، وبوجهه الكريم ، وسلطانه القديم ، من الشيطان الرجيم "27. 25 ـ فإذا رأى الكعبة رفع يديه إن شاء ، لثبوته عن ابن عباس28. 26 ـ ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم هنا دعاء خاص ، فيدعو بما تيسر له ، وإن دعا بدعاء عمر : ( اللهم أنت السلام ، ومنك السلام فحينا ربّنا بالسلام ) فحسنٌ ، لثبوته عنه رضي الله عنه 29 .
1 ) هو القناع على مازن الأنف ، وهو على وجوه : إذا أدْنَتْ المرأة نقابها إلى عينها فتلك الوصوصة ، أو البرقع ، فإن أنزلته إلى المحجر فهو النقاب ، فإن كان على طرف الأنف فهو اللكفام . وسمي نقاب المرأة ، لأنه يستر نقابها ، أي لونها بلون النقاب . انتهى ملخصاً من " لسان العرب " ( 2 / 265 ـ 266 ) . 2 ) قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " منسكه " ( ص 365 ) : ( والقفازات غلاف يصنع لليد كما يفعله حملة البزاة " . والبزاة جمع بازٍ . وهو نوع من الصقور يستخدم في الصيد . 3 ) قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " منسكه " : ( وليس عليه أن يقطعهما دون الكعبين ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالقطع أولاً ثم رخص بعد ذلك في عرفات في لبس السراويل لمن لم يجد إزاراً ، ورخص في لبس الخفين لمن لم يجد نعلين ، هذا أصح قولي العلماء ) . 4 ) متفق عليه " صحيح أبي داود " ( 1600 ) . 5 ) أنظر تخريجه في " الأحاديث الصحيحة " ( 2469 ) . 6 ) متفق عليه . أنظر " صحيح أبي داود " ( 1557 ) . 7 ) من التعريس ، وهو نزول المسافر آخر الليل نزلة للنوم والاستراحة . " نهاية " . 8 ) " صحيح أبي داود " ( 1579 ) . و " مختصر صحيح البخاري " بقلمي ( رقم 761 ـ 762 ) يسر الله تمام طبعه . قال الحافظ في " الفتح " ( 3 / 311 ) : ( في الحديث فضل العقيق كفضل المدينة وفضل الصلاة فيه . . . ) . 9 ) البخاري معلقاً والبيهقي موصولاً بسند صحيح . 10 ) رواه الضياء بسند صحيح . 11 ) متفق عليه . أنظر " صحيح أبي داود " ( 1590 ) . 12 ) رواه أصحاب السنن وغيرهم . أنظر " صحيح أبي داود " ( 1592 ) . 13 ) حديث حسن " صحيح الجامع الصغير وزيادته " ( 1112 ) . و ( العج ) : رفع الصوت بالتلبية ، و ( الثج ) : سيلان دماء الهدي والأضاحي . 14 ) رواه سعيد بن منصور كما في " المحلى " ( 7 / 94 ) بسند جيد ورواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن المطلب بن عبد الله كما في " الفتح " ( 3 / 324 ) . وهو مرسل . 15 ) رواه مسلم أنظر " الصحيحة " ( 2023 ) . 16 ) أخرجه البخاري ( 769 ـ مختصره ) والطيالسي ( 1513 ) وأحمد ( 6 / 32 و 100 و 180 و 243 ) . 17 ) رواه ابن أبي شيبة كما في " المحلى " ( 7 / 94 ـ 95 ) ، وسنده صحيح ، وقال شيخ الإسلام في " منسكه " : ( والمرأة ترفع صوتها بحيث تسمع رفيقاتها ، ويستحب الإكثار منها عند اختلاف الأحوال . . . ) . 18 ) هو جزء من حديث صحيح مخرج في " الصحيحة " ( 828 ) بلفظ : " أمرني جبريل برفع الصوت في الإهلال ، فإنه من شعائر الحج " . 19 ) رواه ابن خزيمة والبيهقي بسند صحيح ، كما في " تخريج الترغيب والترهيب " ( 2 / 118 ) . 20 ) رواه البخاري " مختصري للبخاري " ( 60 ـ الأنبياء 8 ـ باب ) قال الحافظ : ( وفي الحديث أن التلبية في بطون الأودية من سنن المرسلين ، وأنها تتأكد عند الهبوط كما تتأكد عند الصعود ) . 21 ) رواه أحمد ( 1 / 417 ) بسند جيد ، وصححه الحاكم والذهبي كما في " الحج الكبير " . 22 ) رواه البخاري ( 779 ـ مختصري ) والبيهقي ، وأنظر " المجمع " ( 3 / 225 و 239 ) . 23 ) رواه البخاري ( 779 ـ مختصري ) و " صحيح أبي داود " ( 1630 ) . 24 ) رواه البخاري ( 780 ـ مختصري ) و " صحيح أبي داود " ( 1929 ) . 25 ) رواه الفاكهي بسند حسن . 26 ) فيه حديث حسن مخرج في " الصحيحة " ( 2478 ) . 27 ) أنظر " الكلم الطيب " لشيخ الإسلام ابن تيمية بتحقيقي ( ص 51 و 52 ) . 28 ) رواه ابن أبي شيبة بسند صحيح عنه ، ورواه غيره مرفوعاً وإسناده ضعيف كما هو مبين في " الضعيفة " ( 1054 ) . 29 ) رواه البيهقي ( 5 / 72 ) بسند حسن عن سعيد بن المسيب قال : سمعت من عمر كلمة ما بقي أحد من الناس سمعها غيري ، سمعته يقول إذا رأى البيت : فذكره . ورواه بإسناد آخر أيضاً عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول ذلك ، ورواه ابن أبي شيبة ( 4 / 97 ) عنهما . طواف القدوم
2 7 ـ ثم يبادر إلى الحجر الأسود فيستقبله استقبالاً فيكبر ، والتسمية قبله صحت عن ابن عمر موقوفاً ، ووهم من ذكره مرفوعاً . 28 ـ ثم يستلمه بيده ، ويقبله بفمه ، ويسجد عليه أيضاً ، فقد فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعمر ، وابن عباس1 . 29- فإن لم يمكنه تقبيله استلمه بيده، ثم قبل يده. 30- فإن لم يمكنه الاستلام أشار إليه بيده. 31- و يفعل ذلك في كل طَوْفة. 32- و لا يزاحم عليه لقوله صلى الله عليه وسلم: "يا عمر! إنك رجل قوي، فلا تؤذ الضعيف، و إذا أردت استلام الحجر، فإن خَلا لك فاستلمه، و إلا فاستقبله و كبر"2. 33- و في استلام الحجر فضل كبير لقوله صلى الله عليه و سلم: "لَيبعثن الله الحجر يوم القيامة، و له عينان يبصر بهما، و لسان ينطق به، و يشهد على من استلمه بحق"3. و قال: "مسح الحجر الأسود و الركن اليماني يحطّان الخطايا حطاً "4. و قال: "الحجر الأسود من الجنة، و كان أشد بياضاً من الثلج، حتى سودته خطايا أهل الشرك"5. 34- ثم يبدأ بالطواف حول الكعبة يجعلها عن يساره، فيطوف من وراء الحِجر سبعة أشواط، من الحَجَر إلى الحَجَر شوط، يضطبع6 فيها كلها، و يرمل في الثلاثة الأول منها، من الحجر إلى الحجر، و يمشي في سائرها. 35- و يستلم الركن اليماني بيده في كل طرفة، و لا يقبله، فإن لم يتمكن من استلامه لم تشرع الإشارة إليه بيده. 36- و يقول بينهما: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة، و في الآخرة حسنة، و قنا عذاب النار)7. 37- و لا يستلم الركنين الشاميين اتباعاً للنبي صلى الله عليه و سلم8.
التزام ما بين الركن و الباب
38- وله أن يلتزم ما بين الركن و الباب، فيضع صدره ووجهه و ذراعيه عليه9. 39- و ليس للطواف ذكر خاص، فله أن يقرأ من القرآن أو الذكر ما شاء، لقوله صلى الله عليه و سلم: "الطواف بالبيت صلاة، و لكن الله أحل فيه النطق، فمن نطق فلا ينطق إلا بخير" و في رواية: "فأقلّوا فيه الكلام"10. 40- و لا يجوز أن يطوف بالبيت عريان و لا حائض، لقوله صلى الله عليه و سلم: "لا يطوف بالبيت عريان"11. و قوله لعائشة حين قدمت معتمرة في حجة الوداع: "افعلي كما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت [ولا تصلي] حتى تطهري"12. 41- فإذا انتهى من الشوط السابع غطى كتفه الأيمن، و انطلق إلى مقام إبراهيم، و قرأ: (و اتخذوا من مقام ابراهيم مصلى). 42- و جعل المقام بينه و بين الكعبة، و صلى عنده ركعتين. 43- و قرأ فيهما (قل يا أيها الكافرون) و (قل هو الله أحد). 44- و ينبغي أن لا يمر بين يدي المصلي هناك، و لا يدع أحداً يمر بين يديه، و هو يصلي، لعموم الأحاديث الناهية عن ذلك، و عدم ثبوت استثناء المسجد الحرام منها، بله مكة كلها!13. 45- ثم إذا فرغ من الصلاة ذهب إلى زمزم فشرب منها، و صب على رأسه، فقد قال صلى الله عليه و سلم: "ماء زمزم لما شُرب له"14، و قال: " إنها مباركة و هي طعامُ طُعم، [وشفاء سقم]"15، و قال: "خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم، فيه طعام الطعم، و شفاء السقم"16. 46- ثم يرجع إلى الحجر الأسود فيكبر و يستلم على التفصيل المتقدم.
1) قول بعض الأفاضل في تعليقه على " المناسك والزيارات " : إنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم . وهمٌ منه ، وقد حققت القول في صحته في " الإرواء " ( 1112 ) وقد يسر الله طبعه ، فله الحمد والمنة . 2) أخرجه الشافعي و أحمد و غيرهما، و هو حديث قوي كما بينته في "الحج الكبير" 3) صححه الترمذي و ابن خزيمة و ابن حبان و الحاكم و الذهبي، و هو مخرج في المصدر السابق 4) حسنه الترمذي، و صححه ابن حبان و الحاكم و الذهبي. 5) صححه الترمذي و ابن خزيمة. 6) الاضطباع: أن يدخل الرداء من تحت أبطه الأيمن, و يرد طرفه على يساره و يبدي منكبه الأيمن، و يغطي الأيسر، و هو بدعة قبل هذا الطواف و بعده. 7) أخرجه أبو داود و غيره، و صححه جمع. "صحيح أبي داود" (1653). قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " و الاستلام هو مسحه باليد، و أما سائر جوانب البيت و مقام ابراهيم، و سائر ما في الأرض من المسجد و حيطانها، و مقابر الأنبياء و الصالحين كحجرة نبينا صلى الله عليه و سلم، و مغارة ابراهيم، و مقام نبينا صلى الله عليه وسلم الذي كان يصلي فيه، و غير ذلك من مقابر الأنبياء و الصالحين، و صخرة بيت المقدس، فلا تستلم، ولا تُقَبّل باتفاق الأئمة. و أما الطواف بذلك فهو من أعظم البدع المحرمة، و من اتخذه ديناً يستتاب، فإن تاب و إلا قتل" و ما أحسن ما روى عبدالرزاق (8945) و أحمد و البيهقي عن يعلى بن أمية قال: طفت مع عمر بن الخطاب (و في رواية مع عثمان) رضي الله عنه، فلما كنت عند الركن الذي يلي الباب مما يلي الحجر أخذت بيده ليستلمه، فقال: أما طفت مع رسول الله؟ قلت: بلى، قال: فهل رأيته يستلمه؟ قلت: لا، قال: فانفذ عنك، فإن لك في رسول الله صلى الله عليه و سلم أسوة حسنة. 9) روي ذلك عن النبي صلى الله عليه و سلم من طريقين، يرتقي الحديث بهما إلى مرتبة الحسن، و يزداد قوة بثبوت العمل به عن جمع من الصحابة، منهم ابن عباس رضي الله عنه و قال: "هذا الملتزم بين الركن و الباب"، و صح من فعل عروة بن الزبير أيضاً، و كل ذلك مخرج في "الأحاديث الصحيحة" (2138) وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "منسكه" (ص387): "و إن أحب أن يأتي الملتزم - وهو ما بين الحجر الأسود و الباب، فيضع عليه صدره ووجهه، و ذراعيه و كفيه، و يدعو، و يسأل الله تعالى حاجته- فعل ذلك. و له أن يفعل ذلك قبل طواف الوداع، فإن هذا الالتزام لا فرق بين أن يكون حال الوداع او غيره، و الصحابة كانوا يفعلون ذلك حين يدخلون مكة... ولو وقف عند الباب و دعا هناك من غير التزام للبيت كان حسناً، فإذا ولى لا يقف، ولا يلتفت و لا يمشي القهقرى". 10) رواه الترمذي و غيره، و الرواية الأخرى للطبراني، وهو حديث صحيح كما حققته في "الإرواء"(21). قال شيخ الإسلام: "و ليس فيه ذكر محدود عن النبي صلى الله عليه و سلم لا بأمره، و لا بقوله، و لا بتعليمه، بل يدعو فيه بسائر الأدعية الشرعية، و ما يذكرة كثير من الناس من دعاء معين تحت الميزاب و نحو ذلك فلا أصل له". 11) متفق عليه من حديث أب هريرة، و رواه الترمذي من حديث علي و ابن عباس، و هو مخرج في "الإرواء" (1102) 12) متفق عليه من حديث عائشة، و البخاري من حديث جابر، و الزيادة له، و هو مخرج في المصدر السابق (191) 13) راجع المقدمة، و الأصل (ص21 و 23 و 135) 14) حديث صحيح كما قال جمع من الأئمة، و قد خرجته و تكلمت على طرقه في "إرواء الغليل" (1123) و أحدها في "الصحيحة"(883) 15) حديث صحيح، رواه الطيالسي و غيره، و هو مخرج في "الصحيحة" تحت حديث (1056) و غيرها 16) أخرجه الضياء في "المختارة" و غيره، و هو مخرج في المصدر السابق (1056)et]السعي بين الصفا و المروة
47 - ثم يعود أدراجه ليسعى بين الصفا و المروة، فإذا دنا من الصفا قرأ قوله تعالى: ( إن الصفا و المروة من شعائر الله فمن حج البيت او اعتمر فلا جناح عليه ان يطّوف بهما، و من تطوع خيراً فإن الله شاكرٌ عليم). و يقول: "نبدأ بما بدأ الله به". 48- ثم يبدأ بالصفا فيرتقي عليه حتى يرى الكعبة1. 49- فيستقبل الكعبة، فيوحد الله و يكبره فيقول: الله أكبر الله أكبر الله أكبر (ثلاثاً). لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد، يحيي و يميت، و هو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أنجز وعده، و نصر عبده، و هزم الأحزاب و حده2. يقول ذلك ثلاث مرات. و يدعو بين ذلك3. 50- ثم ينزل ليسعى بين الصفا و المروة، و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "اسعوا، فإن الله كتب عليكم السعي"4. 51- فيمشي إلى العَلَم (الموضوع) عن اليمين و اليسار، و هو المعروف بالميل الأخضر، ثم يسعى منه سعياً شديداً إلى العلم الآخر الذي بعده. و كان في عهده صلى الله عليه و سلم وادياً أبطح فيه دقاق الحصا، و قال صلى الله عليه و سلم: " لا يُقطَع الأبطحُ إلا شداً"5. ثم يمشي صلُعُداً حتى يأتي المروة فيرتقي عليها، و يصنع فيها ما صنع على الصفا من استقبال القبلة، و التكبير و التوحيد، و الدعاء6 و هذا شوط. 52- ثم يعود حتى يرقى على الصفا، يمشي موضع مشيه، و يسعى موضع سعيه، و هذا شوط ثانٍ. 53- ثم يعود إلى المروة، و هكذا حتى يتم له سبعة أشواط نهاية آخرها على المروة. 54- و يجوز أن يطوف بينهما راكباً، و المشي اعجب إلى النبي صلى الله عليه و سلم7. 55- و إن دعا في السعي بقوله:" رب اغفر و ارحم، إنك أنت الأعز الأكرم" فلا بأس لثبوته عن جمع من السلف8. 56- فإذا انتهى من الشوط السابع على المروة قص شعر رأسه9 و بذلك تنتهي العمرة، و حل له ما حرم عليه الإحرام، و يمكث هكذا حلالاً إلى يوم التروية. 57- و من كان أحرم بغير عمرة الحج. و لم يكن ساق الهدي من الحل فعليه أن يتحلل اتباعاً لأمر النبي صلى الله عليه و سلم و اتقاء لغضبه، و أما من ساق الهدي فيظل في إحرامه و لا يتحلل إلا بعد الرمي يوم النحر. الإهلال بالحج يوم التروية
58- فإذا كان يوم التروية، و هو اليوم الثامن من ذي الحجة أحرم و أهلّ بالحج، فيفعل كما فعل عند الإحرام بالعمرة من الميقات. من الاغتسال و التطيب، و لبس الإزار و الرداء و التلبية. و لا يقطعها إلا عقب رمي جمرة العقبة 59- و يحرم من الموضع الذي هو نازل فيه، حتى أهل مكة يحرمون من مكة. 60- ثم ينطلق إلى منى فيصلى فيها الظهر، و يبيت فيها حتى يصلي سائر الصلوات الخمس قصراً دون جمع.الإنطلاق الى عرفة
61- فإذا طلعت شمس يوم عرفة انطلق إلى عرفة، و هو يلبي او يكبر، كل ذلك فعل أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم و هم معه في حجته، يلبي الملبي فلا ينكر عليه، و يكبر المكبر فلا ينكر عليه10. 62- ثم ينزل في نَمرة11، و هو مكان قريب من عرفات، و ليس منها، و يظل بها إلى ما قبل الزوال. 63- فإذا زالت الشمس رحل إلى عُرَنة و نزل فيها12. و هي قبيل عرفة، و فيها يخطب الإمام الناس خطبة تناسب المقام. 64- ثم يصلي بالناس الظهر و العصر قصراً و جمعاً في وقت الظهر. 65- و يؤذن لهما أذاناً و احداً و إقامتين. 66- و لا يصلي بينهما شيئاً13. 67- و من لم يتيسر له صلاتهما مع الإمام، فليصلهما كذلك و حده، أو مع من حوله من أمثاله14.
1) ليس من السهل الآن رؤية البيت إلا في بعض الأماكن من الصفا، فإنه يراه من خلال الأعمدة التي بني عليها الطابق الثاني من المسجد فمن تيسر له ذلك فقد أصاب السنة، و إلا فليجتهد و لا حرج. 2) زاد في " الأذكار": "لا إله إلا الله و لا نعبد إلا إياه..." إلخ، و لم أر هذه الزيادة في شيء من طرق الحديث، عند مسلم و غيره ممن أخرج، و هو من حديث جابر الطويل، خلافاً لما يوهمه قول المعلق عليه: "أخرجه مسلم و ..."! 3) أي بين التهليلات بما شاء من الدعاء بما فيه خير الدنيا و الآخرة، و الأفضل ان يكون مأثوراً عن النبي صلى الله عليه و سلم أو السلف الصالح. 4) و هو حديث صحيح خلافاً لمن وهم، و هو مخرج في " الإرواء" (1072). 5) أخرجه النسائي و غيره، و هو مخرج في "الحج الكبير". (فائدة) جاء في "المغني" لابن قدامة المقدسي(3/394) ما نصه: " و طواف النساء و سعيهن مشي كله، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أنه لا رمل على النساء حول البيت، و لا بين الصفا و المروة، و ليس عليهن اضبطاع. و ذلك لأن الأصل فيهما إظهار الجَلَد، و لا يقصد ذلك في حق النساء، لأن النساء يقصد فيهن الستر، و في الرمل و الاضبطاع تعرض للكشف". و في "مجموع" للنووي(8/75) ما يدل على أن المسألة خلافية عند الشافعية، فقد قال: "إن فيها وجهين: الأول وهو الصحيح و به قطع الجمهور: أنها لا تسعى بل تمشي جميع المسافة ليلاً و نهاراً. و الوجه الثاني: أنها إن سعت في الليل حال خلو المسعى استحب لها السعي في موضع السعي كالرجل". قلت: و لعل هذا هو الأقرب، فإن أصل مشروعية السعي إنما سعي هاجر أم إسماعيل تستغيث لابنها العطشان كما في حديث ابن عباس: " فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها فقامت عليه، ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدا؟ فلم تر أحدا، فهبطت من الصفا حتى اذا بلغت الوادي رفعت طرف ردعها ثم سعت سعي الإنسان المجهود، حتى جاوزت الوادي، ثم أتت المروة فقامت عليها فنظرت هل ترى أحداً؟ فلم ترى أحداً، ففعلت ذلك سبع مرات. قال ابن عباس: قال النبي صلى الله عليه و سلم: "فذلك سعي الناس بينهما". أخرجه البخاري في "كتاب الأنبياء". 6) و أما رؤية الكعبة فلا يمكن الآن لحيلولة البناء بينه و بينها كما تقدم، فعليه أن يجتهد في استقبالها و لا يصنع صنيع الحيارى، الذين يرفعون أبصارهم و أيديهم إلى السماء!! 7) رواه أبو نعيم في مستخرجه على "صحيح مسلم". رواه ابن ابي شيبة (4/68و 69) عن ابن مسعود و ابن عمر رضي الله عنهما بإسنادين صحيحين، و عن المسيب بن رافع الكاهلي و عروة بن الزبير، و رواه الطبراني مرفوعاً بسند ضعيف كما في "المجمع"(3/248). 9) أو حلق إذا كان بين عمرته و حجه فتره كافية يطول الشعر خلالها. (راجع الفتح 3/444). 10) أخرجه الشيخان. 11و12) هذا النزول و الذي بعده يتعذر اليوم تحققه لشدة الزحام، فإذا جاوزهما إلى عرفة فلا حرج إن شاء الله، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى" (26/168): " و أما ما تضمنته سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم من المقام بمنى يوم التروية، و المبيت بها الليلة التي قبل يوم عرفة، ثم المقام ب"عُرَنة" - التي بين المشعر الحرام و عرفة- إلى الزوال، و الذهاب منها إلى عرفة، و الخطبة و الصلاتين في أثناء الطريق ببطن عرنة، فهذا كالمجمع عليه بين الفقهاء، و إن كان كثير من المصنفين لا يميزه، و أكثر الناس لا يعرفه لغلبة العادات المحدثة". 13) قلت: و كذلك لم ينقل عنه صلى الله عليه و سلم أنه تطوع قبل الظهر و بعد العصر هنا و في سائر أسفاره، و لم يثبت أنه صلى شيئاً من الرواتب فيها إلا سنتي الفجر و الوتر. 14) البخاري عن ابن عمر تعليقاً. انظر " مختصر البخاري" (25/89/3).الوقوف في عرفة
68- ثم ينطلق إلى عرفة فيقف عند الصخرات أسفل جبل الرحمة، إن تيسر له ذلك، و إلا فعرفة كلها موقف. 69- و يقف مستقبلاً القبلة، رافعاً يديه يدعو و يلبي. 70- و يكثر من التهليل فإنه خير الدعاء يوم عرفة، لقوله صلى الله عليه و سلم: "أفضل ما قلت أنا و النبيون عشية عرفة: لا إله إلا الله و حده لا شريك له، له الملك، و له الحمد، و هو على كل شيء قدير"1. 71- و إن زاد في التلبية أحياناً "إنما الخير خير الآخرة" جاز2. 72- و السنة للواقف في عرفة ألا يصوم هذا اليوم. 73- و لا يزال هكذا ذاكراً ملبياً داعياً بما شاء، راجياً من الله تعالى أن يجعله من عتقائه الذين يباهي بهم الملائكة كما في الحديث: "ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، و إنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء؟"3 و في حديث آخر: "إن الله يباهي بأهل عرفات أهل السماء فيقول: انظروا إلى عبادي جاؤوني شعثاً غبراً"4. و لا يزال هكذا حتى تغرب الشمس. الإفاضة من عرفة
74- فإذا غربت الشمس أفاض من عرفات إلى مزدلفة و عليه السكينة و الهدوء، لا يزاحم الناس بنفسه أو دابته أو سيارته، فإذا و جد خلوة أسرع. 75- فإذا و صلها أذن و أقام و صلى المغرب ثلاثاً، ثم أقام و صلى العشاء قصراً، و جمع بينهما. 76- و إن فصل بينهما لحاجة لم يضره ذلك5. 77- و لا يصلي بينهما و لا بعد العشاء شيئاً6. 78- ثم ينام حتى الفجر. 79- فإذا تبين له الفجر صلى في أول وقته بأذان و إقامة.
1) حديث حسن أو صحيح، له طرق خرجتها في "الصحيحة" (1503) 2) لثبوت ذلك عنه صلى الله عليه و سلم كما هو مبين في الأصل 3) رواه مسلم و غيره. انظر "الترغيب" (2/129) 4) رواه أحمد و غيره، و صححه جماعة كما بينته في "تخريج الترغيب" 5) قال شيخ الإسلام ابن تيمية، لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه و سلم و أصحابه، في البخاري (25/94/801). من "مختصر البخاري". 6) قال شيخ الإسلام: " فإذا و صل إلى مزدلفة صلى المغرب قبل تبريك الجمال إن أمكن، ثم إذا بركوها صلوا العشاء، و إن أخر العشاء لم يضره ذلك".
صلاة الفجر في المزدلفة
80- و لا بد من صلاة الفجر في المزدلفة لجميع الحجاج إلا الضعفَةَ و النساء، فإنه يجوز لهم أن ينطلقوا منها بعد نصف الليل خشية حطَمَة الناس. 81- ثم يأتي المشعر الحرام (وهو جبل المزدلفة) فيرقى عليه، و يستقبل القبلة، فيحمد الله و يكبره و يهلله و يوحده و يدعو، و لا يزال كذلك حتى يُسفر جداً. 82- و مزدلفة كلها موقف، فحيثما وقف فيها جاز. 83- ثم ينطلق قبل طلوع الشمس إلى منى و عليه السكينة و هو يلبي. 84- فإذا أتى بطن مُحَسِّر أسرع السير إذا أمكنه، و هو من منى. 85- ثم يأخذ الطريق الوسطى التي تخرجه على الجمرة الكبرى. الرمي
86- و يلتقط الحصيات التي يريد أن يرمي بها جمرة العقبة في منى، و هي آخر الجمرات و أقربهن إلى مكة. 87- و يستقبل الجمرة، و يجعل مكة عن يسارة، و منى عن يمينه. 88- و يرميها بسبع حصيات مثل حصى الخذف، و هو أكبر من الحمصة قليلاً. 89- و يكبر مع كل حصاة1. 90- و يقطع التلبية مع آخر حصاة2. 91- و لا يرميها إلا بعد طلوع الشمس، و لو كان من النساء أو الضعَفَة الذين أبيح لهم الانطلاق من المزدلفة بعد نصف الليل، فهذا شيء، و الرمي شيء آخر3. 92- وله أن يرميها بعد الزوال و لو إلى الليل إذا وجد حرجاً في رميها قبل الزوال كما ثبت في الحديث. 93- فإذا انتهى من رمي الجمرة حل له كل شيء إلا النساء ولو لم ينحر أو يحلق، فيلبس ثيابه و يتطيب. 94- لكن عليه أن يطُوف طواف الإفاضة في اليوم نفسه، إذا أراد أن يستمر في تمتعه المذكور، و إلا فإنه إذا أمسى و لم يطف عاد محرماً كما كان قبل الرمي، فعليه أن ينزع ثيابه و يلبس ثوبي الإحرام، لقوله صلى الله عليه و سلم: "إن هذا يوم رُخص لكم إذا أنتم رميتم الجمرة أن تُحلّوا من كل ما حُرمتم منه إلا النساء، فإذا أمسيتم قبل أن تطوفوا هذا البيت صرتم حُرُماً لهيئتكم قبل أن ترموا الجمرة، قبل أن تطوفوا به"4.
الذبح والنحر
95 ـ ثم يأتي المنحر في منى فينحر هديه ، وهذا هو السنة . 96 ـ لكن يجوز له أن ينحر في أي مكان آخر من منى ، وكذلك في مكة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( قد نحرت هاهنا ، ومنى كلها منحر ، وكل فجاج مكة طريق ومنحر ، فانحروا في رحالكم )5 . 97 ـ والسنة أن يذبح أو ينحر بيده إن تيسر له ، وإلا أناب عنه غيره . 98 ـ ويذبحها مستقبلاً بها القبلة6، فيضعها على جانبها الأيسر ، ويضع قدمه اليمنى على جانبها الأيمن7 . 99 ـ وأما الإبل فالسنة أن ينحرها ، وهي قائمة معقولة اليسرى ، قائمة على ما بقي من قوائمها8 ، ووجهها قِبَلَ القبلة9 . 100 ـ ويقول عند الذبح أو النحر : بسم الله ، و الله أكبر ، اللّهم إن هذا منك ولك10 اللهم تقبل مني11 . 101 ـ ووقت الذبح أربعة أيام العيد ، يوم النحر ـ وهو يوم الحج الأكبر12 ـ وثلاثة أيام التشريق ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( كل أيام التشريق ذبح )13 . 102 ـ وله أن يأكل من هديه ، وأن يتزود منه إلى بلده كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم . 103 ـ وعليه أن يطعم منها الفقراء وذوي الحاجة ، لقوله تعالى : { و البُدنَ جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير ، فاذكروا الله عليها صوافّ ، فإذا وجبت جنوبُها فكلوا منها ، و أطعمو القانع والمُعْتَرَّ }14 104 ـ ويجوز أن يشترك سبعة في البعير والبقرة . 105 ـ فمن لم يجد هدياً فعليه صيام ثلاثة أيام في الحج ، وسبعة إذا رجع إلى أهله . 106 ـ ويجوز له أن يصوم في أيام في أيام التشريق الثلاثة لحديث عائشة وابن عمر رضي الله عنهما قالا : لم يُرَخّصْ في أيام التشريق أن يُصَمْنَ إلا لمن لم يجد الهدي15 . 107 - ثم يحلق رأسه كله أو يُقصّره ، والأول أفضل لقوله صلى الله عليه وسلم : ( اللهم ارحم المحلقين . قالوا : والمقصرين يا رسول الله ! قال : اللهم ارحم المحلقين . قالوا : والمقصرين يا رسول الله ! [ فلما كانت الرابعة قال : والمقصرين )16 . 108 - و السنة أن يبدأ الحالق بيمين المحلوق كما في حديث أنس رضي الله عنه17 . 109 ـ والحلق خاص بالرجال دون النساء ، وإنما عليهن التقصير لقوله صلى الله عليه وسلم : ( ليس على النساء حلق ، إنما على النساء التقصير )18 ، فتجمع شعرها فتقص منه قدر الأنملة19 . 110 ـ ويسن للإمام أن يخطب يوم النحر بمنى20 بين الجمرات21 حين ارتفاع الضحى 22، يعلم الناس مناسكهم23 .
1) و أما زيادة "اللهم اجعله حجاً مبروراً.." التي يذكرها بعض المصنفين فلم يثبت عنه صلى الله عليه و سلم كما بينته في "الضعيفة" (1107). 2) رواه ابن خزيمة في "صحيحه" و قال: هذا حديث صحيح مفسر لما أبهم في الروايات الأخرى، و أن المراد بقوله: " حتى رمي جمرة العقبة" أي أتم رميها "فتح الباري" (3/426). 3) و هذا مما فصلت القول في "الأصل" فراجعه إن شئت أن تكون على بينة من الأمر (ص80). 4) و هو حديث صحيح، و قد قواه جمع منهم الإمام ابن القيم، كما بينته في "صحيح أبي داو | |
|